(هذه القصيدة، نُشرت في جريدة الاتحاد، يوم الجمعة، 7/3/2003)
“إلى الشاعر الذي نقبَ جدران قصور النفط العربي، فضبط الحكامَ المثقوبين يزحفون على بطونهم، تحت أنين لذّة الاغتصاب. الى الشاعر الذي نقبَ عليَّ جدران صمتي، الى مظفر النواب أهدي هذه القصيدة “.
محمد هيبي
هذا الشعبُ
يُسمّى إبنُ الأرضِ
براهُ اللهُ منَ الطينِ … لحظةَ عشقٍ
في أحسنِ تقويمْ،
شرّدهُ القهرُ
في كلِ بقاعِ الأرضِ
في صفقةِ تقسيمْ
“احذرْ انْ تصرخَ”
همستْ جامعةُ الدولِ العربيةِ:
” فَمِنَ العارِ أنْ تفضحَ أمَّتَكَ
بعويلٍ يخجلُ منهُ الأطفالُ.
لُذْ بالصّمتِ…
وَكِلْ تأديبَ النذلِ لنا”
قالَ خصيٌّ عبرَ المذياعِ … وتابع مرتجلاً
“سنشنُّ خطاباً
نسحقُ إبنَ الْ…
دعوهُ يرتاحُ قليلاً …ثمَّ
أتيحوا طريقَ البحرِ لهُ
يعودُ إلى البحرِ
نعلّمْ أسماكَ القرشِ أمجادَ الكرمِ العربيِّ
وأنتَ تعودْ
ما لكَ لا تأمنّا
ونحنُ لترابِ فلسطينَ جنودْ؟
عهداً منّا ستعودْ
إصبرْ سبعةَ أيامٍ … سبعةَ أشهرْ
أو سبعَ سنينْ”
* * *
قبلَ العقدِ الثالثِ للقهرِ
إنتُهِكتْ، ثانيةً، خارطةُ التقسيمْ
مزّقها الغاصبُ:
” أنَّ الصّخرةَ تحتَ الصّخرةِ …
أحرفُها عبريهْ”
إحدى وصاياهُ العشرِ تقولْ!
خَجِلَ العربُ لضمَّ الساقينِ
كَمَنْ فاجَأَهُ صوتٌ مذمومٌ
فاجتمعوا
وغنوْا …
قصيدةَ عشقٍ للصخرةِ
وتراتيلَ صلاةٍ
للقدسِ
فنبضَ القلبُ
وَلانَ الجسدُ الرطبُ،
تألّقَ وجهُ القدسِ
واخدرتْ عيناها قليلاً
نامتْ على فخذِ الحُلُمِ العربيِّ
فاغْتُصِبتْ.
هاجَ العربُ الشجعانُ
صاحوا موّالاً
منْ عمقِ القلبِ
يهتزَّ العرشُ الأعلى لهُ
ففاضَ سرابُ الصحراءِ العربيهْ
حزناً … غضباً … ودموعَ تماسيحْ
وجمتْ أختي الكبرى قليلاً
ذرفتْ أُختي الصغرى
دمعاً …
أنقى منْ ماءِ المزنِ
وأحرَّ منْ نارِ الجمرِ
لكنَّ القدسَ …
ظلّتْ مغتصبة.
* * *
صيحوا يا عربَ القمةِ موّالاً
وأعيدوهُ … ثمّ أعيدوا
فالطربُ العربيُّ جميلٌ حينَ يُعادُ
ثمَّ يعادُ …
في هذا المبغى العربيِّ
.. يعادُ!
يقطِّرُ أصنافَ القهرِ
يأكلُ جدرانَ القلبِ
كما المِلْحُ، يفتِّتُ جدرانَ الصخرِ
يحفرُ نقشاً عربياً
أيُصانُ العِرضُ … تحتَ أنينِ القهرِ؟!
أيصرخُ حمزةُ إنْ بَقرتْ هندُ، بعدَ القتلِ، على كبدِهْ؟!
أمْ يكترثُ اللاجئُ لهدمِ الخيمة، مراراً، بعدَ التشريدِ؟!
آهٍ … يا رأسَ الخيمةِ
يا تلفازَ دبيٍّ
يا كلَّ فضائيات العُهرْ
كمْ مِنْ نشرةِ أخبارٍ
تجتمعونَ معَ الغاصبِ
كأقزامٍ …
أشباحْ
أتركوا بغدادَ للمطرِ الحامضْ
وارفعوا رايةَ العربِ
ورايةَ الإسلامْ
وأعيدوا خلافَ الأيامْ
بينَ كلابٍ وقرودْ
بينَ مليكٍ وأميرْ
بيَن أميرٍ وعقيدْ
بينَ قعيدٍ وقعيدْ
آهٍ … يا كلَّ سيوفِ العربِ الأقحاحْ
أصهيلٌ هذا المسموعُ بعواصمِكُمْ
أمْ صوتُ نباحْ؟
صهيلُ خيولٍ تبغي النصرْ
وتحيلُ الليلَ صباحْ؟!
أمْ يغشى الليلُ مخادعَكُمْ
بكؤوسٍ وأنينِ نكاحْ؟
أجيبوا …
أجيبوا
يا منْ في كلِّ بقاعِ الارضِ
قتلتُمْ فرحي
أجيبوا…
يا منْ طفلاً كنتُ …
لولا اغتلتُمْ مرحِي
وبعتُمْ لحمَ عرايا القدسِ
في الدوحةِ
وبيروتَ وشرمِ الشيخْ
بعتُمْ لحمَ عرايا القدسِ
مناقصةً
فانتشرَ القملُ
وانتصرَ القهرْ
* * *
في هذا الليلِ العربيِّ … تُعتمدُ الخمرُ
يا ربُّ …
ما نفعُ الخمرِ … إنْ لمْ تلعبْ بالرأسِ
وتفتحُ قدّامَ الشاربِ الفَ طريقٍ وطريقْ؟
إنْ لمْ تجعلْ أحلامَ العاشقِ تزهُو كحريقْ
إنْ لمْ تجعلْ آلامَ الحبِّ تمادى وتهيجْ
أنْ لمْ تصنعْ وطناً للحبِّ
بينَ محيطٍ وخليجْ
ولكنْ … إينَ الخليجْ؟
أجيبوا … أولادَ الْ …
أينَ الخليجْ؟
أما ابتلعَ الموجَ والزُّرقةَ
قهراً؟
ونجومَ الليلِ كذلكْ
أما احترقَ؟ …
أولادَ الْ … ماذا أُسميكُمْ
يا ربُّ … ماذا أُسميكُمْ
وأشرفُكُمْ
أسفلُ منْ كلِّ الكلماتْ
أحقرُ منْ كلِّ الكلماتْ
أرخصُ منْ كلِّ الكلماتْ
وأذلُّ منْ كلِّ الأوتادِ المدقوقةِ في الأرضْ
يحترقُ الخليجْ
وكنتُمْ ناقلةً للنفطِ
تصبُّ الزيتَ
على ملجأِ أطفالٍ
فاحترقوا …
يلعقُ دَمَهم باتَ العراقْ …
وتراقصْتم طرباً لصراخِ اللحمِ “المشكوكِ”
بأشياشٍ أمريكيهْ
يُشوَى بمناقلَ من صُنْعِ الوطنِ العربي
* * *
إبتعتُ زجاجةَ خمرْ
منْ سوقِ العربِ المشتركهْ …
وتظلّلتُ بظلِّ عرائشِ عيدِ العُرْشِ
على مفرقِ واشنطنْ، القاهرةَ وعمانْ
منبوذاً
ألتمسُ الرحمةَ منْ قبعةٍ يحْمِلُها سعدانْ
* * *
لا أحدَ الآن … يعاتبني
فاليوم خمرْ … وغداً أمرْ
لا أحدَ الآنَ … يحاسبني
ما أفعل ُ في هذا الليلِ العربيِّ… أو أين أُقيمْ ؟
أحملُ كأسِي وأهيمْ …
أبحثُ عنْ جسدِ امرأةٍ أستُرُهُ
أريدُ امرأةً تسبرُ أغواري
تنسجُ حبلاً للعشقِ، بخيوطٍ منْ جسدي
أريد امرأةً من بلدي
تعرفُ وجعي
وتعرفُ كيفَ يكونُ العشقُ دواءْ
حينَ يحطُّ اليأسُ
وتضيعُ الأحلامُ
ويلفُّ العُمرَ ظلامٌ وغيومٌ سوداءْ
أريدُ امرأةً
تعرفُ كيفَ يكونُ العشقُ دواءْ
تتسرَّبُ فيَّ
تؤجِّجُ أحلامي العبثيهْ
تفجِّرُ بركانَ الشبقِ الأسودِ
فأحسُّ بلذَّتِها في جوفي حريقْ
يقهرُ كلَّ جيوشِ اليأسِ
يفتحُ بينَ جيوشِ اليأسِ طريقْ
* * *
وانا لمْ أولدْ بعدُ!
وولدتُ البارحةَ!
فانفجرَ الطوفانْ!
عذراً … ما هذا هذيانْ؟!
أتدرونَ لماذا دفعوا ثمناً بخساً للنفطِ العربيِّ
وأقاموا أعمدةً ودخانْ
شامخةً … تصنعُ أسلحةً
وصواريخَ تقتحمُ البلدانْ
تدرونَ لماذا …
صاروخُ النفطِ يوجّهُ نحوَ النفطْ؟
سؤالٌ وجوابْ!
“بطيخٌ يُكسِّرُ بعضاً
ما دمنا أوكاراً للإرهابْ
وإذا سِرْنا في التلمِ … ؟؟!!
أتدرونَ لماذا الصاروخُ يوجّهُ نحوَ قرانا؟
والبيتُ الأبيضُ يبحثُ في المريخِ
عنْ ماءٍ وهواءْ
ويحُدُّ خُطانا …
نحوَ الآفاقِ ونحوَ الشمسِ
يحُدُّ خُطانا …
خوفاً منْ رَحِمٍ
أخطرَ منْ كلِّ سلاحْ
منْ كلِّ الأفرانِ الذريهْ …
تلدُ سلاحاً ضدَّ الإمبرياليهْ
طفلاً يسقطُ بينَ الساقينِ
يهرُبُ من عورةِ أمّهْ
يحملُ آلامَ البشريهْ
يُلقي نظرةَ قهرٍ
يَزْوَرُّ بها
ويرفعُ أنملتينِ شارةَ نصرْ
بعنادِ الأطفالِ يعودُ
لطفولتِهِ العربيهْ
* * *
صيحوا يا عربَ القمّةِ موّالاً
خلّوا أمريكا تلحّنُهُ
خلوا المتظلِّلَ بستارِ الكعبةِ … يحملُهُ
يحجُّ على أعتاب القمّهْ
إلى البيتِ الأبيضِ
يلتمسُ الرحمةَ منْ ربِّ الأربابْ
ومُسوَّدةً
“نحن مع العراقِ
ولكنْ ضدَّ العراقْ”
فالبيتُ الابيضُ كعبتُنا
والركعةُ فيهِ تزنُ ألوفْ
خلُّوا الركعةَ تأتي توقيتاً
قبلَ القمّهْ
بعدَ القمّهْ
بينَ ” الخمّةِ والخمّهْ “
بينَ اللحنِ وبينَ الحُزنْ
بينَ الصُبحِ وبينَ الصُلحْ
بينَ الظُهرِ وبينَ العُهرْ
بينَ العَصرِ وبينَ القَهرْ
بينَ العَصرِ وبينَ العَصرْ
بينَ العَصرِ وبينَ النَصرْ
فالدِّقةُ في الوقتِ … يعشقُها الغربُ
ويعشقُ موّالَ الذلِّ
تُدَانونَ به قدميْهْ
تخرّونَ سجوداً
تصلُّونَ ثلاثاً
لقداسةِ نعليْه:
الذلُّ تريدُونَ أمِ الغازْ؟
قدرٌ محتومٌ
ما نفعُ الغازْ ؟!
الذلُّ ألذْ
ألذُّ ألذُّ ألذْ
كطعمِ الكولا ونكاحِ الغلمانِ ألذْ
أنقذْ روحَكَ
تعلّمْ درساً في الجامعةِ العربيهْ
ما نفعُ الغازْ؟!
أهجرْ “دلعونا” وترنّمْ بموسيقى الجاز
يا ربُّ … تعبتُ …
إلامَ أسافرُ في هذا الوطنِ العربيِّ
بدونِ جوازْ؟!
منبوذاً في زاويةٍ …
مركبتي أحلامُ اليقظهْ … ومحطاتُ التلفازْ
يئستُ … يئستُ …
يا ربُّ … أنقذني
منْ يأسٍ جذّرَ فيَّ
مسلسلِ خزيٍ
سلَّ ضلوعِي
وجرّعني السمَّ بأحلام ورديّهْ
* * *
وبعدُ،
وبرغمِ اليأسِ المالحِ
فأنا العنقاءْ
يا امراءَ النفطِ الشرفاءْ
ويا صناعَ المؤتمراتْ
لا حلَّ أمامي
… سأنتظرُ
وبرغم الذلِّ القابعِ فوقَ عمائِمِكُمْ
… سأنتصرُ.